مصارف الكويت مُتخَمة بالسيولة وتبحث عن أمكنة للإستثمار

مع وصول النمو في القطاع المصرفي الكويتي إلى رقم من خانتين في العام 2014 – حيث وصل إلى أعلى معدل له في السنوات السبع الماضية – من المقرر أن يستمر زخمه هذا العام، على الرغم من عدم اليقين المحيط بالإقتصاد الأوسع.

محافظ البنك المركزي محمد الهاشل: "نوعية الأصول في النظام المصرفي قد تحسّنت"
محافظ البنك المركزي محمد الهاشل: “نوعية الأصول في النظام المصرفي قد تحسّنت”

الكويت – خالد الديب

يبلغ عدد المصارف العاملة في الكويت 23 مصرفاً، تشمل مصرفين حكوميين و21 مصرفاً خاصاً. وتتوزع هذه الأخيرة بين مصارف محلية، مشتركة، وأجنبية. وقد بلغ مجمل عدد الفروع الداخلية للمصارف الكويتية المحلية 353 فرعاً.
ويمثل القطاع المصرفي في الكويت ثاني أكبر قطاع إقتصادي في البلاد بعد النفط، وله إسهامات كبيرة في الإقتصاد الوطني حيث قدمت المصارف الكويتية على مر السنوات قيمة مُضافة كبيرة للإقتصاد الوطني وساهمت بصورة كبيرة في نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتعد المصارف الكويتية شريان الإقتصاد الوطني والواجهة الخارجية للبلاد من خلال فروعها المنتشرة في عدد كبير من دول العالم. ويعمل في المصارف الكويتية أكثر من 50% من القوة العاملة في القطاع الخاص الكويتي. كذلك فإن القطاع المصرفي الكويتي هو من أكثر القطاعات الإقتصادية تدريباً للموارد البشرية والاكثر إستخداماً للتكنولوجيا.

Image431514

بالنسبة إلى الشمول المالي، تتمتع الكويت بأعلى معدل إستخدام للخدمات المالية مقارنةً بالدول الأخرى في المنطقة حيث أن %86.8 من السكان (فوق ال15 سنة) لديهم حساب لدى مؤسسة مالية رسمية. وعلى مستوى الجنس، %92.7 من الذكور و%72.8 من الاناث لديهم حساب مصرفي. ويأتي إرتفاع معدل إستخدام الخدمات المالية في الكويت نتيجة الجهود المستمرة من جانب بنك الكويت المركزي والمصارف، لتسهيل وتحسين وسائل الوصول الى الخدمات المالية الرسمية، لكل قطاعات وشرائح المجتمع عبر تشجيع المصارف على زيادة شبكة فروعها وعرض منتجات توفير مبتكرة وتسهيل الحصول على الإئتمان ونشر إستخدام وسائل الدفع الحديثة.
كما يتميز القطاع المصرفي في الكويت بنسبة تركّز عالية حيث تدير أكبر 5 مصارف كويتية أكثر من 95% من مجموع موجودات وودائع القطاع، ولديها حوالي 89% من القروض. كما بلغت الحصة السوقية لأكبر ثلاثة مصارف كويتية حوالي 80% من مجمل موجودات القطاع و79% من مجمل القروض.

Image431522

تطور القطاع المصرفي الكويتي

من أجل تطوير العمل المصرفي في الكويت، تم تطبيق مجموعة من المبادرات المهمة في القطاع المصرفي الكويتي خلال الأعوام العشرين الماضية. بالإضافة إلى ذلك، يسعى بنك الكويت المركزي في الوقت عينه إلى تطوير إطار العمل التنظيمي والتشريعي للتعاملات المالية والمصرفية، وتحديث سياسات إشرافه وبرامجه. وهو يستمر بإتخاذ التدابير اللازمة تمهيداً لتطبيق المعايير الرقابية الصادرة عن لجنة بازل المعروفة ببازل 3، حيث تم تشكيل لجنة توجيهية شاركت فيها المصارف الكويتية بممثلين عنها لوضع الضوابط الرقابية اللازمة. وتشمل هذه المعايير مجموعة من الضوابط التي من شأنها تحسين جودة رأس المال وتعزيز معايير السيولة التي تستهدف تحسين إدارة مخاطر السيولة، وتعزيز درجة الإستقرار في الموارد المالية، بالإضافة إلى معايير تستهدف إجراءات الرقابة الكلية لمواجهة المخاطر النظامية. وإنطلاقاً من حرص بنك الكويت المركزي على مواكبة معايير الرقابة المصرفية الدولية، وفي إطار إعداد التعليمات الجديدة لحزمة إصلاحات بازل 3، إعتمد مجلس إدارته هيكل رأس المال الرقابي للمعيار والمرحلة الإنتقالية لتطبيقه، وتحديد نسبة إجمالية لكفاية رأس المال بحد أدنى 13% يتم تطبيقها على مراحل بين عامي 2014 و2016. وجاء تحديد هذه النسبة بناءً على دراسة الأثر الكمي التي قام بها البنك المركزي بالتعاون مع الجهة الإستشارية المكلفة بإعداد مشروع التعليمات، وما أسفرت عنه هذه الدراسة من نتائج جيدة اظهرت قدرة البنوك الكويتية على إستيفاء متطلبات كفاية رأس المال.

Image431529

يظهر الجدول رقم 3 الارتفاع الكبير في موجودات القطاع المصرفي الكويتي خلال السنوات القليلة الماضية. فقد زادت تلك الموجودات من حوالي 146 مليار دولارعام 2008 إلى حوالي 187 مليار بنهاية الفصل الثالث من عام 2014 (أي بزيادة 28.2%). كما زادت الودائع من حوالي 90 مليار دولار إلى حوالي 127 مليار(أي بزيادة 41.1%). أما مجمل القروض الممنوحة للقطاع الخاص فقد زادت من حوالي 94.7 مليار دولار إلى حوالي 113 مليار (أي بزيادة 19.3%). أخيراً، زاد رأسمال المصارف الكويتية المحلية من حوالي 17.1 مليار دولار إلى حوالي 27 مليار دولار (بزيادة 56.6%).

Image431536

يظهر الجدول رقم 4 التطور الكبير لمؤشرات السيولة والرسملة في القطاع المصرفي الكويتي. ففي ما يخص السيولة، إنخفضت نسبة القروض للقطاع الخاص إلى الموجودات من 64.9% في العام 2008 إلى 60.6% في نهاية الفصل الثالث من العام 2014، وإنخفضت نسبة القروض للقطاع الخاص إلى ودائع القطاع الخاص من 119.8% إلى 89% خلال الفترة نفسها. ويبرز الإنخفاض في هذين المؤشرين سعي المصارف الكويتية إلى خفض معدّلات الإقراض لديها لخفض مخاطر السيولة. كما يُظهر تطور معدل الرسملة من 11.7% في العام 2008 إلى 14.3% في نهاية الفصل الثالث من العام 2014 قد دعم المصارف الكويتية في قواعدها الرأسمالية. كما أشار بيان بعثة صندوق النقد الدولي إلى الكويت أخيراً إلى أن المصارف الكويتية تتمتع بمعدلات رسملة عالية وتحقق أرباحاً مستقرة، مما يعكس الرقابة الشديدة لبنك الكويت المركزي. فبلغت نسبة كفاية رأس المال للمصارف مجتمعة حوالي 18.3%، وتراجعت نسبة القروض غير المنتظمة إلى نحو 3.5% من إجمالي محفظة القروض.

Image431543

توزع التسهيلات الإئتمانية على قطاعات الاقتصاد

تشير بيانات المصارف الكويتية المحلية إلى أن التسهيلات الإئتمانية المُقدمة إلى مختلف القطاعات الإقتصادية المحلية بلغت خلال السنة المالية 2014/2013 حوالي 29.52 مليار دينار كويتي (حوالي 102.39 مليار دولار) مقارنة بحوالي 27.32 مليار دينار (94.74 مليار دولار) في نهاية السنة المالية السابقة (2012/2013). ونتجت هذه الزيادة عن إرتفاع أرصدة التسهيلات لكل من قطاع التسهيلات الشخصية (بنسبة 12.4%)، وقطاع الصناعة (بنسبة 1.6%)، وقطاع التجارة (بنسبة 14.8%)، وقطاع العقارات (بنسبة 6.3%)، وقطاع الإنشاء (بنسبة 5.0%)، وقطاع النفط الخام والغاز (بنسبة 71.1%). في المقابل تراجعت أرصدة التسهيلات الإئتمانية الممنوحة لقطاع المؤسسات المالية غير المصارف بنسبة 18.4%.
وإرتفع الرصيد الإجمالي للموجودات الأجنبية للمصارف المحلية بنسبة 9% ليصل إلى حوالي10.96 مليارات دينار (حوالي 38 مليار دولار) في نهاية السنة المالية 2014/2013 مقابل 10.06 مليارات دينار (حوالي 34.86 مليار دولار) في نهاية السنة المالية السابقة. وجاء هذا الإرتفاع نتيجة للزيادة في أرصدة كل من ودائع المصارف المحلية لدى المصارف الأجنبية (بنسبة 12.7%)، والإستثمارات الأجنبية للمصارف المحلية (بنسبة 4.7%)، والموجودات الأجنبية الأخرى (بنسبة 8.1%)، ورصيد التسهيلات الإئتمانية المقدمة لغير المقيمين (بنسبة 2.6%).
في المقابل، إرتفعت أرصدة المطلوبات الأجنبية على المصارف المحلية بنسبة 19.4%، لتصل إلى نحو 3.88 مليارات دينار (13.48 مليار دولار) بنهاية السنة المالية 2013/2014 مقابل نحو 3.25 مليارات دينار (11.26 مليار دولار) في نهاية السنة المالية السابقة. وقد جاء ذلك نتيجة لإرتفاع أرصدة الودائع من المصارف غير المقيمة (بنسبة 26.5%)، وإرتفاع أرصدة الودائع الأخرى من غير المقيمين (بنسبة 4.3%)، وإرتفاع أرصدة مطلوبات أجنبية أخرى (بنسبة 22.6%).

Image431550

أخيراً، نشير إلى أن التسهيلات الشخصية تحصل على النسبة الأكبر من الإئتمان المُقدَّم من المصارف الكويتية لقطاعات الإقتصاد الاساسية، يليها قطاع العقارات، فقطاع التجارة، فقطاع الإنشاءات، فقطاع المؤسسات المالية غير البنوك، فقطاع الصناعة، وأخيراً قطاع النفط الخام والغاز.

الصيرفة الإسلامية في الكويت

تلعب الكويت دوراً ريادياً في مجال الصيرفة الإسلامية، وقد تمّ فيها إنشاء ثاني مصرف يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في منطقة الخليج العربي وذلك في العام 1977، وهو بيت التمويل الكويتي. ويبلغ عدد المصارف الإسلامية في الكويت حالياً خمسة، وهي البنك الأهلي المتحد، وبنك الكويت الدولي، وبنك بوبيان، وبنك وربة، وبيت التمويل الكويتي. كما قررت الجمعية العمومية للبنك التجاري الكويتي في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 التحوّل للعمل وفق الشريعة الإسلامية ليكون بذلك سادس مصرف إسلامي.
وبلغ حجم الأصول الإسلامية في الكويت بنهاية الفصل الثالث من العام 2014 حوالي 87.8 مليار دولار أي نحو 47% من إجمالي الأصول المصرفية في الإمارة. وبلغ حجم الودائع في المصارف الإسلامية الكويتية الخمسة حوالي 57.4 مليار دولار أي 45% من إجمالي الودائع. أما حجم القروض في المصارف الإسلامية الكويتية فبلغ حوالي 51 مليار دولار أي 43% من إجمالي القروض. وبلغ رأسمال المصارف الإسلامية الكويتية حوالي 11 مليار دولار أي 41% من الإجمالي. كما حققت المصارف الإسلامية الكويتية خلال تلك الفترة أرباحاً بلغت حوالي 539 مليون دولار. وشهد معدل كفاية رأس المال المجمع للمصارف الإسلامية إرتفاعاً كبيراً خلال السنة الأخيرة من %16.5 الى %18.8، في حين سجل المعدل نفسه لدى المصارف التقليدية تراجعاً بنسبة 0.6%.
ونشير في هذا المجال إلى أن المؤتمر الاول للمالية المصرفية الاسلامية في الكويت الذي عقد في آب (أغسطس) 2014 قد أوصى بوضع تشريعات متكاملة لضمان الودائع متوافقة مع احكام الشريعة الاسلامية تحمي جميع أطراف التعاقد في المصارف الاسلامية. كما أوصى بإعادة النظر في معدل الإحتياطي النقدي الإلزامي، ومعدّل كفاية رأس المال في المصارف الاسلامية الكويتية. وطالب المشاركون في المؤتمر بوضع معايير حوكمة للمصطلحات الفقهية المتعلّقة بأدوات التمويل الإسلامية ومنتجاتها ووضع تشريعات للصناديق الإستثمارية تنظم عملها وفقاً لأحكام الشريعة، إضافة الى حثّ المصارف الإسلامية على إنشاء ودعم صناديق الإستثمار بجميع أنواعها والمساهمة في الصناديق الإستثمارية.

وضع القطاع المصرفي في 2015

إرتفع إجمالي أصول البنوك في الكويت 12.2٪ في العام على على أساس سنوي إلى 66.4 مليار دينار كويتي (220 مليار دولار) في العام 2014، وفقاً لتقرير تموز (يوليو) الصادر من بنك الكويت المركزي. وكان المحرك الرئيسي للنمو هو النشاط الدولي، الذي مثَّل أكثر من خُمس الأعمال، مما يساعد على تقليل الإعتماد على مصادر الإيرادات المحلية وتعزيز إستقرار الصناعة بشكل عام.
وقال محافظ بنك الكويت المركزي، محمد يوسف الهاشل، أن نوعية الأصول في النظام المصرفي قد تحسّنت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، مع إنخفاض النسبة الإجمالية للقروض المتعثّرة إلى أدنى مستوى في تاريخها، إلى 2.9٪ في كانون الاول (ديسمبر) الفائت.
وقد ساهمت قيمة التسهيلات الإئتمانية أيضاً التي إرتفعت بنسبة 6.4٪ إلى 30.8 مليار دينار كويتي (102.4 مليار دولار) إلى النمو القوي في 2014.
ومع ذلك، تواجه الصناعة أيضاً رياحاً معاكسة من الصورة الإقتصادية الأوسع. إن إستمرار إعتماد الكويت على عائدات النفط يمثل قضية رئيسية طويلة الأجل التي زادت تفاقماً بسبب الإنخفاض السريع في أسعار النفط منذ منتصف العام 2014، حيث أثر ذلك في الإقتصاد بأكمله. وبالإضافة إلى ذلك، فإن إنخفاض أسعار النفط لديه القدرة على إبطاء الزخم لخطة الحكومة الخمسية للتنمية الكويتية، التي أقرها البرلمان في شباط (فبراير) الفائت.
في الوقت عينه تشمل التحديات الأخرى للقطاع عدم وجود خيارات لإستثمار كميات كبيرة من السيولة التي يسيطر عليها حالياً معظم البنوك، وعدم توافر إحصاءات آنية للسوق ككل.

المحافظة على الزخم

على الرغم من حالة عدم اليقين الإقتصادي على نطاق أوسع، فقد إستمر الزخم في القطاع المصرفي حتى الآن هذا العام. وأفاد بنك الكويت الوطني، أقدم وأكبر بنك في الكويت، بأن أرباحه إرتفعت في النصف الأول من العام بنسبة 12.8٪ على أساس سنوي إلى 163.4 مليون دينار كويتي (541.6 مليون دولار) بفضل التحسينات في بيئة العمل والمناقصات لمشاريع البنية التحتية الكبيرة. وأفاد ثاني أكبر لاعب، بيت التمويل الكويتي، بأن صافي أرباحه إرتفع 14.1٪ إلى 62.3 مليون دينار كويتي (206.5 ملايين دولار) خلال الفترة عينها.
وأعلنت وكالة التصنيف الأميركية الدولية “فيتش” في تقرير لها في تموز (يوليو) بأن زيادة كبيرة في الإستثمار في البنية التحتية العامة ستساعد على دفع النمو في ثمانية بنوك مُدرجة في البلاد: “البنوك التجارية المُصنَّفة … تتوسع في الإقراض في ظل ظروف تشغيل ملائمة فيما تستغل الحكومة الكويتية موقفها المالي والخارجي القوي جداً للحفاظ على مستويات عالية من الإنفاق العام”.
وقد أدّى إرتفاع الربحية أيضاً إلى فرص كبيرة للتوسّع. في أيار (مايو)، أعلن البنك الأهلي الكويتي عن صفقة تبلغ قيمتها 150 مليون دولار للإستحواذ على حصة 98.5٪ في بنك بيريوس مصر مع بنك بيريوس اليونان. وبعد حصوله على موافقة من البنك المركزي المصري في تموز (يوليو) الفائت، فإن البنك الأهلي الكويتي ينتظر الموافقة النهائية من هيئة الرقابة المالية المصرية. إن الصفقة ستمكن البنك للتوسع في السوق المصرية التي شهدت نمواً سريعاً من خلال شبكة مؤلفة من 39 فرعاً لبنك بيريوس مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى