نظام الكفالة يمنع الهجرة السورية إلى الخليج العربي

في خضم الإنتقادات المتصاعدة ضد الدول العربية النفطية الغنية، وجهت سارة حشّاش، المسؤولة الصحافية في البرنامج الإعلامي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنتقادات في 7 أيلول (سبتمبر) الفائت، لدول مجلس التعاون الخليجي لأنها لم تستقبل رسمياً لاجئين سوريين ووصفت الأمر بأنه “عملٌ شائن”.
في هذه الأجواء حيث تدفَّق آلاف اللاجئين السوريين على أوروبا عبر تركيا واليونان وإنطلاقاً من ليبيا نحو إيطاليا، فقد ظهرت تصريحات في مختلف الأوساط تنتقد عدم فتح دول الخليج حدودها أمام هؤلاء، وتبدي إمتعاضها وإستغرابها من أن يجد اللاجئون السوريون مأوى لدى الغرباء في أوروبا فيما توصد الأبواب في وجوههم من “أشقائهم” القريبين الميسورين.

المهاجرون السوريون: وصلوا إلى أوروبا
المهاجرون السوريون: وصلوا إلى أوروبا

الدوحة – ميشال مظلوم

كان رد الفعل المشترك على أزمة النازحين السوريين المستمرة بإلقاء اللوم على أوروبا: كيف يمكن للدول الغنية في القارة العجوز أن تسمح بمثل هذه المأساة؟ ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، تحوّلت وسائل الإعلام، والتركيز الشعبي في الغرب إلى دول الشرق الأوسط –ليس إلى نظام بشار الأسد في سوريا أو تنظيم “الدولة الإسلامية” (“داعش”) و”جبهة النصرة”، ولكن إلى الدول النفطية في منطقة الخليج العربي. لقد تساءلت صحيفة “شيكاغو تريبيون”: “لماذا لا تقبل دول الخليج المزيد من اللاجئين؟”، وكتبت صحيفة “يو أس إي توداي” بدورها: “إن دول الخليج لا تتحرك ولا تفعل شيئاً فيما أزمة المهاجرين تتضخم في أوروبا”. إلا أن الإتهام الأكثر مباشرة جاء من “واشنطن بوست” التي كتبت بأن: “الدول العربية االأكثر غنى في العالم لا تفعل شيئاً للاجئين السوريين”.
من جهتها رفضت الحكومات الخليجية بشكل كبير هذه الإنتقادات، مشيرةً إلى تبرّعها بأكثر من ملياري دولار من المساعدات الإنسانية، ومنحها عشرات الآلاف من السوريين — ناهيك عن المصريين واليمنيين وغيرهم من العرب – حق اللجوء السياسي والإقتصادي (حتى لو لم يكونوا لاجئين رسميين) منذ أن بدأ الإستقرار يتزعزع في المنطقة في العام 2011. ولكن حتى مع رفضهم لإنتقادات النقاد، فقد إعترف العديد من ممثلي الخليج أن بلدانهم تميل إلى تقديم المساعدة عن بعد أكثر من ميلها إلى فتح حدودها المقيَّدة بإحكام أمام المهاجرين العرب أو غيرهم. “بلداننا تصلح للعمل والعمّال فقط”، على حد تعبير أحد المسؤولين الكويتيين في مناقشة صريحة مع محطة التلفزيون الفرنسية “فرانس 24” في 2 أيلول (سبتمبر) الفائت، مضيفاً: “نحن لا نريد الناس الذين يعانون من التوتر الداخلي والصدمة في بلدنا!”.
وسارع المراقبون للإشارة إلى المفارقة المؤسفة للوضع بقولهم أن: قادة الخليج غير مستعدين للمخاطرة بإستقرار بلدانهم السياسي والإقتصادي بإستقبال الأفراد الذين شرّدتهم الصراعات والحروب بالوكالة التي يستمرّون بتغذيتها وإضرام وقودها بالمال والسلاح. أو بأقل سخرية، قادة دول الخليج مقيَّدون بالغموض القانوني لوضعية اللاجئين في دول الخليج. الواقع أنه لا توجد أي واحدة من دول مجلس التعاون الخليجي الست – البحرين، الكويت، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة – شاركت أو وقعت مع الدول الموقّعة على إتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 المتعلّقة بوضع اللاجئين. وبناء على هذا الرأي الأخير، فالسؤال هو كيف يمكن التوقّع أن تُقدّم الحكومات الخليجية حق اللجوء الى فئة من الأفراد الذين لا تعترف بهم ولا بوضعيتهم.
هذان الخطّان من المنطق، في حين أنهما مُبسَّطان، فهما يحتويان على نواة حقيقة أكبر من ذلك بكثير: عدم التوافق الأساسي للنموذج السياسي والإقتصادي في الخليج مع فئة اللاجئين. إن دول الخليج، على الرغم من ثرواتها ومواردها الهائلة، فهي لم تقبل رسمياً طالبي لجوء من سوريا أو من غيرها بسبب طبيعة نظام الكفالة، وهو متاهة كبرى من التشريعات التي تنظِّم العمالة والكفالة للعمال المهاجرين في دول مجلس التعاون الخليجي حيث تحافظ على وضعية مؤقتة للأجانب (من حيث المبدأ) وتفصلهم عن السكان المحليين.
الواقع أن نظام الكفالة هو حل غير لائق للتوفيق بين المصالح المتنافسة في كثير من الأحيان بين دوائر مجتمعية متميّزة: المواطنون الخليجيون العاديون، الذين لا يزالون حذرين من التعدّي الثقافي، وراغبين في الإستفادة من فوائد الإقتصاد الريعي المتقدّم؛ ونخبة رجال الأعمال والسياسة، التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين النمو الإقتصادي الذي يعمل بوقود المهاجرين لتحقيق الأرباح مع مخاوف من الإغتراب والتنفير الإجتماعي المحتمل وبالتالي السخط السياسي في نهاية المطاف. إن هذا النظام، الذي يواجه اليوم إنتقادات حادة بالنسبة إلى أوضاع العمال الذين يضعون الأسس لنهائيات كأس العالم في قطر في العام 2022، يستحق إهتماماً مساوياً لأولئك الذين يُستبعَدون تماماً، بالمعنى القانوني الدقيق ولكن أيضاً من الناحية الهيكلية.

الكفالة هي الأساس

منذ بداية الإنتاج التجاري للنفط في منتصف القرن العشرين، كانت دول الخليج العربي، مع سكانها الأصليين القليلين، تحتاج إلى إستيراد عمال ذوي مهارات عالية ومتدنية. وعلى الرغم من أنها إعتبرت في البداية حلاً ضرورياً ولكنه مؤقت، فقد ظلت العمالة الأجنبية تلعب دوراً أساسياً في إنشاء وصيانة البنية الأساسية المادية والإجتماعية الحديثة في الخليج في القرن الحادي والعشرين. خلال سبعينات القرن الفائت، كانت غالبية هذه القوى العاملة الأجنبية عربية حيث تدفقت من البلدان الفقيرة بالنفط ولديها وفرة اليد العاملة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل مصر وسوريا واليمن. لكن مع مرور الوقت، صار هناك عاملان جعلا العرب نسبياً أقل جاذبية.
أولاً، بدأ العمال العرب، مدعومون من الحركات اليسارية، المطالبة بمزيد من المشاركة السياسية والإقتصادية في دول الخليج، بما في ذلك الطريق نحو المواطنة. ولكن في الدولة الريعية، المزيد من المواطنين يعني التخفيف من الموارد المالية التي يتمتع بها الحكام و(جزئياً) توزّع على المواطنين، لذلك لم تكن هذة الفكرة تشكّل بداية جيدة. اليوم، لا تزال المواطنة أمراً يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة إلى الأجانب في الخليج، بغض النظر عن الأصل القومي أو مستوى المهارة. قطر، على سبيل المثال، وضعت قانوناً تسمح بتجنيس 50 شخصاً في السنة؛ الدول الأخرى تفرض قيوداً رسمية أو غير رسمية مماثلة.
ثانياً، وبالقدر عينه من الأهمية، لقد نُظِر إلى العمال العرب الأجانب بأنهم ناشطون سياسياً أكثر من عرب الخليج الأصليين. ونُظر إليهم على أنهم يميلون بشكل خاص إلى الناصرية والإيديولوجيات القومية العربية الأخرى، وكان، بالتالي، لهم تأثير خطير على المواطنين. على سبيل المثال، أدّى إنتشار القومية العربية بين الكويتيين في خمسينات وستينات القرن الفائت إلى إطلاق الحكومة برنامج تجنيس جماعي لحوالي 200،000 شخص من البدو في الصحراء المجاورة ليكونوا بمثابة كتلة موالية للحكومة يمكن الإعتماد عليها في برلمان تتزايد فيه المعارضة. إن المخاوف بشأن النفوذ الأجنبي لم يغب عن عقول حكام الخليج في العام 1991، عندما إتّهمت الكويت العمال الفلسطينيين في البلاد بدعم الغزو للعربي القومي صدام حسين. بعد الحرب، طردت الكويت نصف مليون فلسطيني. بدورها طردت السعودية أيضاً ما يقرب من مليون عامل يمني بعد إعلان الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح دعمه للعراق.
هذه العوامل نفسها التي جعلت العمال العرب أقل جاذبية جعلت أيضاً العمال من جنوب آسيا أكثر جاذبية. كان العمال الآسيويون يتقاضون أجوراً منخفضة وليست هناك أي شكوك حول مطالبتهم بالمواطنة أو الإندماج المجتمعي. على الرغم من أن العديد من العمال الآسيويين يدينون بالإسلام (مما ساعد على تخفيف المخاوف بشأن التعدّي الثقافي)، فقد نُظر إليهم على أنهم أقل إحتمالاً أن يكونوا ناشطين سياسياً أو مجنّدين محتمَلين للحركات اليسارية والاسلامية التي يهيمن عليها العرب. وكما قال لي أستاذ سوري يعيش في قطر: “يعرف [قادة الخليج] أن الهنود يأتون إلى هنا، ويقومون بعملهم، ولا يسبّبون أي متاعب. هذا هو ما يطلبون وما يريدون”.
وقد عزّز نظام الكفالة الحديث كذلك دور العمال الآسيويين في الخليج من خلال تشجيع تطوير الشبكات عبر الوطنية التي تربط بين أسواق العمل الخليجية وتجمعات العمالة في البلدان المُرسِلة للمهاجرين. اليوم، تضمن مؤسسة كبرى تدفق العمال إلى الخليج من طريق وكالات التوظيف الدولية مع طرق مخصّصة للطيران، والسيطرة على قطاعات السوق العقارية الخليجية، والوصول إلى الإقتصادات العرقية المحلية، التي تطورت لتلبية الأذواق الوطنية والإقليمية لفئات محدَّدة معينة. مثل هذه الوكالات لديها حوافز إقتصادية قوية لمقاومة عودة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أن تكون منبعاً أساسياً للعمالة في منطقة الخليج.
نتيجة للكفالة، فإن سوق العمل الخليجية قد بُنيت بحذر وفق نظام متوازن دقيق – تقسيم العمال المهاجرين– حيث تُختار جنسيات معينة لأنواع معينة من المهن ويقبض العمال أجورهم إلى حد كبير وفقاً لجوازات سفرهم. ويُعتبر هذا النظام منتجاً إقتصادياً وهو قابل للحياة سياسياً ولكنه غير مستقر من الناحية السكانية. إن الحفاظ على التوازن لنظام الكفالة هو مهمة تأخذها الحكومات الخليجية على محمل الجدّ. في العام 2013، على سبيل المثال، في ظل إنخفاض عائدات النفط وإرتفاع الإستياء من البطالة، طردت المملكة العربية السعودية حوالي 300،000 يمني، ظاهرياً بسبب تجاوز مدة التأشيرة أو أخذ وظيفة ثانية بطريقة غير قانونية. في العام 2014، رضخت عُمان، لضغوط مماثلة، حيث أعلنت أنظمة جديدة وضاعفت إنفاذ القوانين القائمة التي تهدف إلى تخفيض عدد غير المواطنين إلى ثلث السكان.

قبول العرب

إذا وضع التوازن الاقتصادي الدقيق جانباً، فإن فكرة إستبدال بعض المهارات المنخفضة من مهاجري غربي آسيا والمهارات العالية من الأجانب بمهاجرين عرب — لعكس الإتجاه الجغرافي لعقود عدة ماضية — يبدو أن لها معنى من زاوية واحدة على الأقل: التماسك المجتمعي. إن غالبية مواطني دول الخليج لا تزال ثقافياً ودينياً محافظة، وتشعر بالقلق إزاء التآكل المُحتمل للهوية والقيم التقليدية. يخشى الكثيرون أيضاً من النوايا السياسية والعسكرية الغربية في المنطقة، حيث تضخمت المشاعر بالتقارب الأخير بين الولايات المتحدة والإتحاد الاوروبي مع إيران. والنتيجة هي توتر كامن ومفتوح أحياناً بين المجموعات الإجتماعية المختلفة في المجتمعات الخليجية، سواء في الأماكن العامة وأماكن العمل.
وبالفعل، تفيد إستطلاعات الرأي لمواطني دول الخليج بإستمرار إلى قبولٍ أكبر للعرب من بلدان أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من تلك الجماعات من جنسيات أخرى. على سبيل المثال، وجدت دراسة في العام 2012 أجراها معهد البحوث الإجتماعية والإقتصادية في جامعة قطر أن نسبة 82 في المئة من القطريين وافقت على أن “العدد المتزايد للعمال غير العرب يهدّد العادات والقيم القطرية التقليدية”. فقط نسبة 45 في المئة وافقت عندما طُرح السؤال نفسه حول العمال العرب. وطُلِب من المستطلعين بالإضافة إلى ذلك، “كم هو عدد العمال من الدول العربية خارج منطقة الخليج تعتقد أن قطر ينبغي أن تسمح لهم ليأتون للعمل هنا في قطر؟”. أكثر بكثير من أي مجموعة أخرى، قال 38 في المئة من القطريين ب”السماح لكثيرين”، وقالت نسبة 47 في المئة ب”السماح لبعض” العمال العرب. على النقيض من ذلك، أرادت نسبة 12 في المئة فقط من الدولة السماح “للكثير من” العمال الآسيويين، فإن هذه النسبة إنخفضت كذلك الى عشرة في المئة بالنسبة إلى العمال الأميركيين والأوروبيين، وستة في المئة للعمال من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
في مسح منفصل أجري في العام 2014، وجد معهد البحوث الإجتماعية والإقتصادية في جامعة قطر أن المواطنين القطريين “يثقون” أو “يثقون كثيراً” بالوافدين العرب (88 في المئة) أكثر من أي مجموعة أخرى. والوافدون من الدول الغربية والأفراد من شبه القارة الهندية، من ناحية أخرى، تلقوا تصنيفات من الثقة أقل بكثير، 46 في المئة و 50 في المئة على التوالي.

مكان لنا

قد تكون المخاوف التاريخية للحكومات الخليجية بالنسبة إلى النشاط السياسي للمهاجرين العرب خفّت اليوم أو تعادلت مع المخاوف العامة بالنسبة إلى العمال الأجانب غير العرب. ولكن حتى مع مثل هذه الحسابات السياسية المتغيرة، فهناك معوّقات إقتصادية هيكلية هائلة لقبول أعداد كبيرة من العمال العرب من اللاجئين أم من غير اللاجئين. لنأخذ حالة طالبي اللجوء السوريين، فإنهم من غير المرجح أن يقبلوا الأجور أو ظروف المهاجرين ذوي المهارات المتدنية الحالية من جنوب آسيا، كما أن خيار الخدمة في المنازل مثل خدم، ومربيات، وطباخون، وسائقون، غير مقبولة إجتماعياً (وفي بعض دول الخليج محظورة قانوناً).
يفترض، إذن، إذا لم يكونوا مؤهلين للعمل كمهنيين ذوي مهارات عالية مثل مدرّسين أو أطباء أو ممرضات، وغير راغبين في العمل اليدوي، وغير مسموح لهم العمل بأجور منخفضة في خدمة المنازل، فإن معظم اللاجئين ربما يصلحون أن يكونوا في وسط المهن التجارية التي تطلب مهارات متوسطة، مثل حقول النفط وأعمال البناء. لسوء الحظ، إن التوقيت في هذا القطاع سيىء جداً. في قطر، على سبيل المثال، تفيد التوقعات بأن العائدات الهيدروكربونية ستنخفض بمقدار الثلث في العام 2015. لقد بدأت “قطر للبترول” إعادة هيكلة مشاريعها التي ستخفض الآلاف من فرص العمل، بما في ذلك المئات من المواطنين. كما قامت الشركة أخيراً بإلغاء مشروع البتروكيماويات المقترح مع شركة “شل” والذي تبلغ تكاليفه 6.4 مليارات دولار. الطلب على عمال النفط في الخليج، المهرة أو غير المهرة، في إنخفاض. وعلاوة على ذلك، إن تدهوراً إقتصادياً في مجال الطاقة من المرجح أن ينتج إنخفاضاً في العديد من الصناعات، وخصوصاً قطاع الخدمات بالذات الذي هو في وضع جيد لإستيعاب الوافدين العرب.
هناك إعتبار منفصل تماماً يتمثّل بالضغط الذي يشكّله تدفق سكان إضافي على الموارد الموجودة في تلك البلدان التي تنمو بسرعة. إن دمج 30،000 لاجئ في الدول – المدن الخليجية هي مهمة أكبر بكثير مما كانت عليه في ألمانيا، التي هي بلد من 80 مليون نسمة. وفي حين أن العاملين في صناعة النفط قد بدأوا المغادرة، فإن كثيرين غيرهم يصلون وسط عملية بناء مجنونة لكأس العالم التي تستعد للتسريع في الفترة التي تسبق العام 2022. ومع تزايد عدد السكان بمعدل أكثر من 7.5 في المئة سنوياً، تناضل قطر وعاصمتها الدوحة، لمواكبة الوافدين الجدد. إن الخدمات الصحية والتعليمية العامة هي بالفعل تحت ضغط شديد، وقد أدى بناء ملعب الى توقف حركة المرور القريبة. وأخيراً، يذهب قدر كبير من الجهد الى فحص العمال، بما في ذلك الفحوص الطبية، وتحريات الشرطة، ووثائق التصديق. وهذه القواعد تحتاج الى تغيير كبير للسماح بقبول جماعي للاجئين.
بإختصار، فقد دعا عدد متزايد من المواطنين والمعلّقين الحكومات الخليجية إلى تزويد السوريين وغيرهم من اللاجئين بعمل كريم في الإقتصادات السريعة النمو في المنطقة. لكن من غير الواضح بالضبط أين يصلح هؤلاء الأفراد في أسواق عمل منظمة تنظيماً عالياً ومجزّأة، أسواقٌ في واقع الأمر هي أكثر عرضة للتقلّص بدل التوسّع بسبب التحوّل الدراماتيكي في أسعار النفط. ولذلك فإن دول مجلس التعاون الخليجي من المرجح أن تتبع حدسها حول التحدّي المحتمل للإستقرار الإجتماعي والسياسي الذي يشكّله تدفق جماعي للاجئين: الإستقرار ليس فقط في ما يتعلق بالنشاط السياسي غير المُرحَّب به، ولكن في الحفاظ على الوضع السياسي والإقتصادي الذي وُضِع بعناية والمنصوص عليه في نظام الكفالة.
بطبيعة الحال، فإن إهتمام وسائل الإعلام المستمر والنقد سيدفعان واحدة أو أكثر من الحكومات الخليجية لتغيير المسار. ربما غداً، قد يُعلن زعيم خليجي أنه قد قبل مليون لاجئ سوري، للعيش في مخيمات مكيَّفة بالهواء في الصحراء فيما يتلقّون دعماً حكومياً سخياً. ومع ذلك، فمن الواضح أن مثل هذا القرار سيكون إما تحرّكاً ديبلوماسياً مليئاً بالدهاء أو عملاً من أعمال الإيثار النقي. لذلك ليس هناك مكان للاجئين السوريين أو غيرهم في نظام الكفالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى